📁 آخر الأخبار

مصطفى محمود : معلومات ربما تعرفها لأول مرة عن الكاتب والفيلسوف د مصطفى محمود

مصطفى محمود : معلومات ربما تعرفها لأول مرة عن الكاتب والفيلسوف د مصطفى محمود


يُعتبر مصطفى محمود واحداً من أبرز الشخصيات الأدبية والفكرية في العالم العربي في القرن العشرين. وُلد في 27 ديسمبر 1921 في مدينة المنصورة المصرية، وأظهر منذ صغره شغفاً بالقراءة والكتابة، مما دفعه لاحقاً ليتحول إلى كاتب مشهور وفيلسوف ومفكر عميق.

مصطفى محمود : معلومات ربما تعرفها لأول مرة عن الكاتب والفيلسوف د مصطفى محمود
مصطفى محمود


قصة حياة مصطفى محمود : معلومات ربما تعرفها لاول مرة عن الدكتور مصطفى محمود


وُلد مصطفى كمال محمود حسين آل محفوظ في عائلة تعود أصولها إلى الأشراف، حيث كان ينتمي إلى عائلة تُعرف بالنسب العريق. توفي والده عام 1939 بعد سنوات من المرض، مما أثر على حياته المبكرة.

بدأ دراسته في بيئة مليئة بالتحديات، حيث كان لديه شغف بالعلم والمعرفة. تميز خلال دراسته، إلا أنه تعرض لتجربة مؤلمة عندما أوقفه مدرس اللغة العربية عن الدراسة لمدة ثلاث سنوات بسبب تصرف غير عادل، لكن هذه التجربة لم تمنعه من العودة إلى التعليم ومتابعة شغفه.


الدكتور مصطفى محمود وتاريخه الفكري


في بداية القرن العشرين، بدأ بعض المفكرين في تناول موضوع الإلحاد. من بين هؤلاء، نشر إسماعيل أدهم مقاله الشهير "لماذا أنا ملحد؟"، بينما أصدر طه حسين كتابه "في الشعر الجاهلي"، وخاض نجيب محفوظ تجاربه الأولى في مواجهة المعاناة الدينية والظمأ الروحي.


بدايات مصطفى محمود


عاش مصطفى محمود في ميت الكرماء بجوار مسجد "المحطة"، الذي يعد واحدًا من معالم الصوفية في مصر، مما أثر بشكل واضح على أفكاره وتوجهاته. كان متفوقًا في دراسته حتى تعرض للضرب من مدرس اللغة العربية، مما دفعه للانقطاع عن التعليم لمدة ثلاث سنوات. بعد انتقال المدرس، عاد مصطفى لاستكمال دراسته. خلال طفولته، أنشأ معملاً صغيرًا في منزل والده لصناعة الصابون والمبيدات الحشرية، وكان يقوم بتشريح الحشرات. وعندما التحق بكلية الطب، أصبح يعرف بلقب "المشرحجي" بسبب اهتمامه العميق بأجساد الموتى والتساؤلات حول الحياة والموت.


مصطفى محمود : اتهامات واعترافات

غالبًا ما اتهم مصطفى محمود بتناقض أفكاره وآرائه السياسية، لكنه كان يؤكد أنه ليس في موضع اتهام، ويرى أن اعترافه بأخطائه هو دليل على شجاعته ونقده الذاتي، في حين يفتقر الكثيرون لذلك.


من أقوال مصطفى محمود


  • "الناجح هو الذي يصرخ منذ ميلاده، جئت إلى العالم لاختلف معه، ولا يكف عن رفع يده في براءة الطفولة ليحطم كل ظلم."
  • "لن يدرك الحرف غايته إلا إذا فهم دوره في السطر الذي يشاركه، والمعنى الذي يدل عليه."
  • "أهل الحقائق دائماً في خوف من ظهور حقيقة مكتومة تؤدي بهم إلى المهالك."
  • "حفظ المسافة في العلاقات الإنسانية يشبه حفظ المسافة بين العربات أثناء السير."
  • "السعادة هي الصلح بين الظاهر والباطن، بين الإنسان ونفسه."
  • "لو كانت الأشياء المادية أهم من المعنوية، لما دفن الجسد في الأرض وصعدت الروح إلى السماء."


مصطفى محمود والوجودية


تأثر مصطفى محمود بشدة بالتيار المادي والوجودية في الستينات. يقول: "احتاج الأمر إلى ثلاثين سنة من الغوص في الكتب، وآلاف الليالي من التأمل مع النفس لأقطع الطرق الشائكة حول الله والإنسان ومواضيع الحياة والموت."


خلال هذه السنوات، عاش حالة من المعاناة والشك، حيث قرأ عن ديانات متعددة واحتلته تساؤلات عميقة حول وجود الله. ومع ذلك، لم ينكر وجوده بل كان عاجزًا عن تصوره بشكل صحيح.


تجربته الصعبة صقلت فكره وجعلته مفكرًا دينيًا بارزًا. مثل الغزالي، الذي عاش محنة روحية، قضى مصطفى محمود ثلاثين عامًا من البحث عن الحقيقة.


نتاجه الفكري


اختتم هذه المرحلة بإصدار عدد من الكتب العميقة مثل "حوار مع صديقي الملحد"، و"رحلتي من الشك إلى الإيمان"، و"التوراة"، و"لغز الموت"، و"لغز الحياة". أثرت هذه المراهنات الكبرى على فكره، مما جعله يقترب من مفهوم الفطرة.


كما قام بشراء قطعة أرض من عائد أول كتبه "المستحيل"، وأنشأ جامع مصطفى محمود الذي يضم ثلاثة مراكز طبية ومستشفى، بالإضافة إلى الجمعية الفلكية ومتحف الجيولوجيا.


البرنامج التلفزيوني "العلم والإيمان"


أحد أبرز محطات حياته كانت تقديمه لبرنامج "العلم والإيمان"، الذي عُرض لأكثر من 400 حلقة، حيث دمج فيه بين العلوم والدين. كان البرنامج منصة للبحث في معاني الحياة والوجود، وأثر بشكل كبير في العديد من المشاهدين، وأصبح جزءًا من الثقافة العامة في مصر والعالم العربي.


يروي مصطفى محمود أنه عندما تم عرض مشروع برنامج "العلم والإيمان" على التلفاز، كانت الميزانية المخصصة للحلقة 30 جنيهًا فقط، مما أدى إلى فشل المشروع منذ بدايته.


لكن أحد رجال الأعمال قام بتمويل البرنامج من جيبه الخاص، ليصبح واحدًا من أشهر البرامج التلفزيونية وأكثرها انتشارًا، حيث لا يزال الجميع يتذكرونه في سهرة الإثنين الساعة التاسعة، مع المقدمة الحزينة وافتتاحية مصطفى محمود "أهلاً بيكم".


لكن، ككل الأشياء الجميلة، كان لا بد أن يأتي النهاية، حيث صدر قرار برفع البرنامج من خريطة البرامج التلفزيونية، بحسب ما قاله ابنه أدهم، مشيرًا إلى أن القرار جاء من الرئاسة المصرية إلى وزير الإعلام آنذاك، صفوت الشريف.



الأزمات


واجه مصطفى محمود العديد من الأزمات الفكرية، كان أولها عندما تمت محاكمته بسبب كتابه "الله والإنسان". طلب عبد الناصر بنفسه تقديمه للمحاكمة بناءً على طلب الأزهر، حيث اعتبرت القضية كفرًا. ومع ذلك، اكتفت المحكمة بمصادرة الكتاب، وبعد ذلك أبلغه الرئيس السادات بأنه معجب بالكتاب وقرر إعادة طبعه.


كان مصطفى محمود صديقًا شخصيًا للرئيس السادات، وعبر عن حزنه العميق لمصرع السادات، قائلاً: "كيف لمسلمين أن يقتلوا رجلاً رد مظالم كثيرة وجلب النصر وساعد الجماعات الإسلامية، ومع ذلك قتلوه بأيديهم؟". وعندما عُرضت عليه وزارة، رفض قائلاً: "أنا فشلت في إدارة أصغر مؤسسة وهي الأسرة.. فأنا مطلق، فكيف يمكنني إدارة وزارة كاملة؟!"، مفضلًا التفرغ للبحث العلمي كما فعل لاحقًا جمال حمدان.


أزمة كتاب الشفاعة


تدور الأزمة الشهيرة حول كتاب "الشفاعة"، حيث طرح مصطفى محمود فكرة أن الشفاعة الحقيقية ليست كما يروج لها علماء الحديث، واعتبر أن الشفاعة بمفهومها المعروف تشبه نوعًا من الوساطة والاتكالية على شفاعة النبي محمد، مما قد يؤدي إلى التقاعس عن العمل والاجتهاد. رأى أن الشفاعة قد تعني تغييرًا لحكم الله على العصاة، مؤكدًا أن الله هو الأرحم بعباده والأعلم بما يستحقونه.


تسبب هذا الطرح في هجوم حاد عليه، حيث صدر 14 كتابًا للرد عليه، من أبرزها كتاب الدكتور محمد فؤاد شاكر، الذي اتهمه بأنه مجرد طبيب لا علاقة له بالعلم الديني. في تلك الأثناء، حاول مصطفى محمود الدفاع عن أفكاره أمام التيار المعارض، لكنه تعرض للضغط الشديد.


رغم ذلك، لم يكن جميع علماء الدين ضده، حيث قال الدكتور نصر فريد واصل: "الدكتور مصطفى محمود رجل علم وفضل، مشهود له بالفصاحة والفهم وسعة الاطلاع، وقد عمل على تنقية الشريعة الإسلامية من الشوائب".


مصطفى محمود لم ينكر الشفاعة، بل رأى أنها مقيدة ويجب عدم الاعتماد عليها كمبرر للتكاسل عن نصرة الدين. وقد استند في آرائه إلى آراء علماء كبار، مثل الإمام محمد عبده، ولكن تم تحميله الخطيئة في النهاية.


اعتزاله


أدت هذه المحنة إلى اعتزاله الكتابة لفترة طويلة، وانقطع عن الناس حتى أصابته جلطة. بحلول عام 2003، كان يعيش في عزلة وحيدة. تميز الدكتور مصطفى محمود بتعدد مواهبه في الفكر والأدب والفلسفة والتصوف، وكانت أفكاره ومقالاته غالبًا ما تثير جدلاً واسعًا. وقد قال عنه الشاعر الراحل كامل الشناوي: "إذا كان مصطفى محمود قد ألحد فهو يلحد على سجادة الصلاة. كان يعتقد أن العلم يمكن أن يجيب على كل شيء، وعندما خاب ظنه، بدأ يبحث في الأديان، لكنه لم يجد في النهاية سوى القرآن الكريم".


الإسهامات الاجتماعية


أسس مصطفى محمود مسجدًا في الجيزة عام 1979، الذي يحمل اسمه، بالإضافة إلى ثلاثة مراكز طبية تهتم بعلاج ذوي الدخل المحدود. كما قام بإنشاء قوافل طبية تضم أطباء متطوعين. وقد اتسمت أعماله الاجتماعية برغبة حقيقية في تقديم المساعدة للآخرين، مما جعل له مكانة خاصة في قلوب الكثيرين.


قائمة أعمال مصطفى محمود


تتضمن أعمال مصطفى محمود مجموعة متنوعة من الإصدارات التي تعكس إبداعه الفكري والأدبي. فقد كتب 44 عملًا فكريًا ودراسة، بالإضافة إلى 11 مقالة و8 قصص قصيرة. كما قدم 5 روايات و7 مسرحيات، إلى جانب 4 أعمال في أدب الرحلات. ولديه أيضًا 3 مختارات من رسائل القراء، مما يعكس تفاعله مع جمهوره واهتمامه بآرائهم.


برامج عن حيات مصطفى محمود



أصدرت قناة الجزيرة الوثائقية فيلمًا وثائقيًا عن مصطفى محمود بعنوان "العلم والإيمان"، والذي تم عرضه على جزئين في عام 2013. يتناول الفيلم حياة المفكر ويستعرض مسيرته العلمية وأثره في المحيطين العربي والإسلامي. كما يتطرق إلى مرحلة الشك التي مر بها فكريًا، وكيف حسمها لاحقًا.



يسلط الوثائقي الضوء أيضًا على الضغوط التي تعرضت لها جريدة الأهرام لوقف مقالاته، حيث وصلت تلك الضغوط إلى حد مخاطبة أسامة الباز، سكرتير رئيس الجمهورية للمعلومات، بشأن هذا الموضوع. كما يناقش مقالاته حول الشفاعة، التي أثارت ردود فعل واسعة وصلت إلى حد الحملات الإعلامية ضدّه.


بالإضافة إلى ذلك، يستعرض الفيلم تجربته الفريدة في تقديم برنامجه الشهير "العلم والإيمان"، ونشاطه الخيري من خلال الجمعية التي أسسها بمسجد محمود، والتي تُعَدّ ناديًا للعلماء ومركزًا لنشر العلم.


مصطفى محمود هو نموذج للفكر الحر والبحث الدائم عن الحقيقة. لقد عاش حياته بعمق وتحدٍ، وقدم إسهامات هائلة في مختلف المجالات. من خلال كتاباته وأفكاره، ترك إرثًا دائمًا من الحكمة والتفكير النقدي، مما يجعله أحد أعظم العقول في تاريخ الفكر العربي الحديث.


اقرا ايضا: حميدو الديب : قصة حميدو الديب من المجد الى العزلة

لماذا افريقيا فقيرة ؟

تعليقات